فن إدارة المشاريع التقنية



يعتمد المشروع التقني الناجح بشكل أساسي على خبرة المدير، ومدى تمرسه في تطبيق التقنيات المستخدمة، وقدرته على التعامل مع المتغيرات الطارئة عند تنفيذ المشروع.

كما ان مهنية المدير وكفاءته في التعامل مع العنصر البشري، وقدراته على خلق قنوات اتصال حيوية بين فرق العمل يعدان من الشروط الأساسية لضمان نجاح المشروع.

ومما لا شك فيه، ان الإداري المتمكن والقيادي المؤثر هو نواة النجاح والعنصر المحرك الأهم في أي مشروع، ولكن ما لا يدركه بعضهم هو ان التميز الإداري وروح القيادة سمات قلما تكتسب من خلال برنامج دراسي او تأهيل علمي معين.

وهذه السمات عادة ما تكون متأصلة في الشخص نفسه حيث تصقل على مر الزمن حتى تظهر جلياً في أدائه وسلوكياته.

إن الإداري الجيد يوظف خبرته لمواجهة تحديات المشروع، ويرتكز عليها عند التعامل مع المتغيرات في المؤسسة ومتطلبات السوق.

وتضفي خبرة المدير الحكمة وبعد النظر على جميع تعاملاته مع العناصر البشرية المشاركة في المشروع وتميزه عن نظرائه ذوي الخبرة الأقل بشكل واضح.

وبناء على هذا، فإن الفارق بين المخطط الناجح والمدير الناجح هو ان الأول يملك المهارة التقنية الكافية لتخطيط وتطوير مشروع ناجح،
اما الثاني فيجمع بين مهارة المخطط والخبرة المكتسبة في التعامل مع العنصر البشري المشارك من مرؤوسين ومديرين.

ومن الصعب او ربما المستحيل حصر صفات الإداري او القيادي الناجح في نقاط ونواح محددة، إلا ان هناك من الصفات ما يجمع بين معظم المتميزين يتمثل أبرزها فيما يلي:


1- التواصل:
إن التواصل الواضح والمستمر يضمن انسجام جميع الأطراف المشاركة في شتى مراحل المشروع. إذ يتعامل مدير المشروع مع جهات داخلية وخارجية عدة، ولهذا فعلى المدير المتميز اتقان فن الحديث والحوار، وتطوير مهاراته الكتابية، وصياغة مراسلاته لتتناسب مع الجهة المخاطبة إدارية كانت أم تقنية.

2- الرغبة في النجاح:

لا تكفي الرغبة في النجاح وحدها بمعزل عن مقوماته لاتمام أي مشروع، حتى لو كانت حقيقية وصادقة.
ولكن في الوقت ذاته، فإن الرغبة الصادقة في النجاح غالباً ما تكون المنبع الذي يستمد منه المدير الإرادة والدافع الذاتي المطلوب لتنفيذ المشروع، مهما كان حجم العقبات والتحديات الملقاة أمامه، حيث ان الترجمة الفعلية لهذه الرغبة تتضح في حرص المدير واهتمامه الكامل بجميع تفاصيل المشروع الحساسة بقدر اهتمامه بالخطوط العريضة والأهداف طويلة الأمد للمشروع.


3- القيادة:

ومما لا شك فيه، ان شجاعة المدير وجرأته عند مواجهة المواقف الصعبة، وقدرته على كسب ثقة واحترام موظفيه، يخلق جواً من العمل تتميز فيه الطاقات الإبداعية لدى الفرق المشاركة في العمل.

وفي ظل القيادي الناجح، حيث يصبح كل ما يبدو مستحيلاً ممكن التطبيق، وعندها تتحول كل عقبة الى تحد يسهل تخطيه.
أما فرض الرأي والمركزية في اتخاذ القرار، والخوض في جميع تفاصيل المشروع، فتؤدي الى تثبيط الهمم، مما ينعكس سلباً على أداء فرق العمل بشكل واضح، حيث يحد ذلك من قدراتها على الانتاج المتميز.


4- التنظيم:

إن بناء هيكل إداري جامد غير قابل للتغيير يحد من قابلية المدير وقدرات إدارته على مواجهة التغيرات والتقلبات التي قد تطرأ خلال فترة تنفيذ المشروع.
وهنا يتحتم على المدير تنظيم المشروع بشكل فاعل وبناء آلية متابعة تمكنه من معرفة تفاصيل مجريات الأمور بسهولة متى شاء.


5- المهارات التقنية:

من المعروف، ان إلمام المدير بالتقنية المستخدمة في المشروع وتطبيقاتها، له الأثر الأكبر في جودة المنتج، ولذا فإن الخبرة، وبعد النظر، والحس التقني السليم لديه مهمة عند تقييمه أي طرح تقني، او في اتخاذ قرار حساس قد يؤثر بشكل جذري في سير المشروع.


6- الحفاظ على النظرة الاستراتيجية:

إن وقوع فرق العمل في مستنقع من تفاصيل ومتاهات لا جدوى منها هو أمر وارد في أي مشروع، لا سيما في المشاريع الضخمة ذات التفاصيل الفنية والتقنية الدقيقة والمتشعبة.
ولذا فإن من المهام الرئيسية للمدير إبقاء الأهداف الاستراتيجية للمشروع واضحة لكل فرق العمل المشاركة طوال فترة التنفيذ، والحد من الغوص في التفاصيل ذات الأثر المحدود او المعدوم على أهداف المشروع وجودة الانتاج.


7- الخبرة:

تشكل خبرة المدير قاعدته التي يرتكز عليها عند اتخاذ القرار، او المضي في مجازفة محسوبة تستدعيها متطلبات المشروع.
ولكي تصح الخبرة وتكتمل، فعلى المدير استيعاب الدروس من اخطائه واخفاقاته الماضية، واضافتها الى ما اكتسبه من خبرة في نجاحه وتميزه.


8- التأهيل العلمي:

على عكس ما يعتقد الكثيرون، فإن التخصص في علم الإدارة او أي تأهيل علمي عال آخر لا يعني بالضرورة قدرة المدير على تنفيذ مشروع تقني معقد.
ومع ذلك فإن الحصول على شهادات التخصص في إدارة المشاريع التقنية كشهادة “المهنية في إدارة المشاريع” تشكل مؤشراً جيداً على مدى قدرة المدير على الالتزام بالمهام الموكلة إليه، كما انها دليل واضح على كفاءته وخبرته في مجال تخصصه.
وفي جميع الأحوال، فإن على المؤسسة أيضاً النظر فيما هو أكثر من ذلك عند تعيين مدير للمشروع.

فالخبرة الفعلية للمدير، ورصيد انجازاته السابقة، وأسلوبه في التعامل مع المواقف الصعبة، وكيفية إدارته العناصر البشرية، هي في الواقع أفضل مقياس لقدرته على القيادة والإدارة.

من المستحيل إعداد الإداري الناجح والمتميز مهما بلغ الاستثمار العلمي والعملي من قبل المؤسسة في موظفيها ان لم تتوافر الخامة القيادية والإدارية المناسبة في الموظفين أنفسهم.

حيث ان المؤسسة الواعية تعمل على تحفيز واستقطاب من لهم القابلية الحقيقية للتميز والإبداع سواء كانوا في المؤسسة ذاتها او خارجها وكذلك تعمل على توفير الجو الملائم والفرص المناسبة لإبراز قدراتهم الإدارية والتنفيذية.