كيف تخرج أفضل ما في الآخرين في أحلك الظروف.. !!
يزداد الاهتمام بالموارد البشرية كقوة تنافسية في جميع المؤسسات التي
تسعى
للفوز والمنافسة في أسواق هذا القرن الجديد , ولهذا فإن مهارات
التعامل مع الآخرين
تعد من أهم المهارات المطلوبة في مدير وقائد المستقبل بالدرجة الأولى
, وفي كل
العاملين في عالمنا المتشابك بالدرجة الثانية , فمن السهل علينا
جميعاً أن نتعامل
مع الأشخاص الودودين البشوشين , ولكن المحك الحقيقي هو القدرة على
التعامل مع
اللحظات الصعبة وحالات الغضب والتوتر التي نعيشها مع الآخرين ,
واستخراج أحسن ما
فيها لمصلحة الطرفين . فضلاً
عن التعامل مع
الأنماط المختلفة من الشخصيات
الإنسانية التي نواجهها كل يوم في بيئة العمل .
تتأرجح أنماط
السلوك البشري
بين قطبين متناقضين تماماً , وهما العدوانية والعنف من ناحية "القطب
الموجب"
والسلبية الشديدة واللامبالاة من ناحية أخرى "القطب السالب" وبينهما
درجات مختلفة
من السلوك المتدرج من الاعتدال إلى الإيجابية أو السلبية . والأشخاص
الطبيعيون هم
الذين يتعاملون بثقة واعتدال وتوازن في الظروف الطبيعية , ويحتلون
المنطقة الوسطى
في التعبير عن النفس والتعامل مع الآخرين . وهي منطقة واسعة وفيها
مجال كبير
للمناورة والابتكار والتميز
.
حينما يتعرض أي
شخص لضغوط خارجية فإنه يلجأ
للمبالغة في
سلوكه . فإن كان انطوائياً , فإنه يصبح أكثر سلبية ورغبة في الانعزالية
,وإن كان شديد
الثقة بالنفس فإنه يميل إلى التعبير عن نفسه بصوت أعلى وعدوانية أكثر
. وعادة ما تنشأ
الضغوط حينما تتعرض الأهداف التي سعى لها أي شخص للخطر , فيضطر
للمبالغة في سلوكه كمحاولة للدفاع عن الهدف الذي يسعى إليه . وفي
المحيط الذي يعيش
فيه البشر , تنحصر الأهداف التي يسعى إليها الناس في محورين أساسين
هما : محور
العمل ومحور العلاقة بالآخرين
.
في جانب العمل
تتركز الأهداف في هدفين
رئيسين هما
:
- إنهاء العمل
بأسرع طريقة أو إنهاء العمل بأحسن طريقة
.
وفي جانب العلاقة
بالناس يتلخص الهدفان في
:
- مجاراة الناس
ومسايرتهم
أو الحصول على ثنائهم وانتزاع إعجابهم
.
حينما يتعرض
الهدف الذي يسعى إليه
أي إنسان للتهديد فإن سلوكه الطبيعي يتغير تبعاً لدرجة تحكمه في نفسه
؛ فيميل إلى
المبالغة سواء في الاتجاه السلبي أو الاتجاه العدواني تبعاً للبناء
السيكولوجي
لشخصيته . وحينما تخرج الضغوط أسوأ ما في الناس فهي تحولهم إلى أنماط
سلوكية يصعب
على الآخرين التعامل معها
.
وفي بيئات العمل
وفي كل الثقافات هناك أناس
مراسهم صعب ويشق على أي إنسان التعامل معهم بارتياح . فقد تجد نفسك
مضطراً للعمل مع
شخص كسول , وقد يعتريك الشك بأنه هذا النمط جزء من الطبيعة البشرية
ويصعب تغييره ,
الأمر الذي يصيبك بالإحباط ويجعلك تفقد السيطرة على الأمور من حولك .
ولكن تذكر أنك
ستجد دائماً الخيار المناسب للتصرف في الأوقات الحرجة . وفي واقع
الأمر , فإنك عند
التعامل مع أحد الأنماط السلوكية المتعبة , يمكن أن تختار واحداً من
الخيارات
الأربعة التالية
:
1- أن ترضى
بالأمر الواقع وأن لا تفعل شيئاً
:
في
هذه الحالة تحاول
أن تتأقلم مع الشخص الصعب دون أن تتصرف أو تشكو لشخص آخر لا
يستطيع أيضاً أن
يفعل شيئاً . ولكن عدم فعل أي شيء أمر خطير , لأن الإحباط والغضب
يتراكم مع الوقت
ويؤدي للانفجار . كما أن الشكوى لمن لا يستطيع أن يفعل شيئاً يخفض
من روحك المعنوية
ويقلل الإنتاجية , ويؤجل اتخاذ إجراء فعال في الوقت المناسب .
2- أن تهرب من
المشكلة :
يجب أن تؤمن بأنه
من المستحيل إيجاد حلول لكل
المشكلات التي
تواجهها . فهناك مشكلات لا تستحق عناء البحث عن حلول لها . فالهروب
من المشكلة يعتبر
حلاً معقولاً عندما تصبح مواجهة الشخص (المشكلة) أمراً غير معقول
. فعندما يزيد كل
ما تحاول أن تقوله أو تفعله من تعقيد المشكلة , يصبح الابتعاد هو
الحل الوحيد ,
لاسيما إذا بدأت تفقد السيطرة على الأمور . ولكن قبل أن تنسحب عليك
أن تفكر في
الخيارين التاليين :
3- أن تنظر للشخص
الصعب نظرة مختلفة :
حتى لو استمر
الشخص في تصرفاته غير السوية , فإنه بإمكانك محاولة تفهم الدوافع
التي أدت به إلى
هذا السلوك . ومن المعروف سلوكياً أن تغييرنا لأنفسنا أسهل بكثير
من تغييرنا
للآخرين :
أولا:ً لأن
تغييرنا لأنفسنا قد يؤدي إلى تغيير تصرفات
الآخرين تجاهنا
.
وثانياً: لأن هذا
التغيير قد يؤدي إلى تحريرنا من ردود
الأفعال
التقليدية التي كنا نمارسها . ولأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما
بأنفسهم , فإن
تغيير السلوك ضرورة لابد منها لتوفير الإرادة والمرونة لاختيار الحل
الرابع والأخير
.
4- أن تعامل
الشخص المزعج بطريقة جديدة
:
عندما تخرج
أفضل ما لديك في
معاملة الناس , فإنهم سيحاولون إخراج أفضل ما لديهم لمعاملتك .
فكما أن هناك أناساً يستطيعون إزعاجك , وأن هناك أناساً يستطيعون إسعادك , فإنه
بإمكانك أيضاً أن
تزعج الآخرين أو أن تسعدهم
.
ومن الواضح هنا
أنه من
الأفضل طبعاً أن تلجأ إلى الحلين الأخيرين , بحيث تنمي مهاراتك في
التعامل مع
الآخرين وتصبح الشخص الذي يلجأ إليه الجميع والذي يشق طريقه في الحياة
والمؤسسة
بثقة واعتداد بنفسه واعتدال في تصرفاته . ولكن لابد أولاً من أن تتعرف
على الأنماط
السلوكية الصعبة التي عادة ما تواجهنا في حياتنا اليومية ثم تتعلم
خطوة بخطوة كيفية
التعامل معها . وهناك عشرة أنماط سلوكية يمكن من خلالها تصنيف
الشخصيات الإيجابية
والسلبية التي تقابلنا في حياتنا العملية واليومية .
* النماذج
العدوانية
للسلوك
:
1- الشخص الدبابة
:
يميل بطبيعته إلى
الثقة الزائدة
بالنفس , وحينما تتعرض أهدافه للخطر يلجأ إلى المواجهة الصريحة ,
وينفجر في غضب
محطماً الشخص الذي تسبب في المشكلة من وجهة نظره . هذا الشخص لا تسيره
دوافع شخصية
ضدك , ويتلخص هدفه الرئيس في إنهاء المهمة بأسرع وقت وأفضل طريقة ,
فإذا تباطأت في
المواجهة , يأخذ على عاتقه استكمال المهمة ليزيحك عن طريقه ويكمل
المهمة بدونك .
التعامل مع
الدبابة : إذا وجدت نفسك أمام الدبابة , فإنه سيتعامل معك كجزء
من الهدف , ولكنك
لست الهدف نفسه . فقد تكون أنت المحاسب الذي يحتفظ بحسابات
المشروع , وهو
يظن أنك وراء كل المشكلات وتعطيل كل الأوراق , وقد تكون أنت مهندس
الكمبيوتر الذي
تأخر في إصلاح العطل ,وهو يرى أنك تعيق عمل الإدارة كلها . ولأنه
يهدف إلى "إنهاء
المهمة" بأي ثمن , فلابد إذًا من إبعادك عن الطريق .
ردود
الفعل العادية
تجاه الدبابة :
1- إما الهجوم
المضاد بنفس القوة .
2- أو
محاولة تبرير
الموقف .
3- أو الصمت
التام والابتعاد عن فوهة المدفع
.
هدفك الجديد : هو
الحصول على احترام الدبابة دون الاضطرار لاستخدام
المدفعية المضادة
.
الخطة :
1- تماسك واحتفظ
برباط جأشك , أول خطوة هي
أن تحتفظ بموقفك ثابتاً , فلا تقف إذا كنت جالساً , تنفس ببطء وهدوء
واترك الدبابة
يفرغ كل ما في جعبته من ذخيرة
.
2- قاطع الهجوم
إذا زاد عن حده : بأن تبدأ
في النداء على المهاجم باسمه وبصوت أعلى من صوته عدة مرات وبحزم "دون
استخدام أي
نبرة أو حركة عدوانية" حتى تحصل على انتباهه .
3- أعد عليه
ملاحظاته
الرئيسة بسرعة واقتضاب . هذا يثبت له أنك كنت تستمع وتفهم وتركز على
إنهاء المهمة .
4- صوب على الهدف
الرئيس وأطلق النار : لخص في جملتين قصيرتين ردك العملي
على الاتهامات ,
مسبوقاً بجملة تؤكد أن هذه هي وجهة نظرك الشخصية في الموضوع : قل
له مثلاً "أنا
أرى أن هذا الجهاز ما زال بحاجة إلى قطع الغيار التي سبق أن طلبنا
شراءها" .
5- السلام المشرف
: لا تغلق الباب أمام فرص السلام مع الشخص
الدبابة . أعطه
فرصة للتراجع بكرامة بعد أن تحدد أنت طريق التراجع . قل له : إنني
أدرك أهمية
الموضوع , فأرجو أن تسمح لي بحل المشكلة برمتها غداً صباحاً ثم أقدم لك
الفواتير اللازمة
.
- أما إذا كانت
اتهامات الدبابة لك صحيحة , فأسرع طريقة
لإنهاء الهجوم هي
:
1- الاعتراف
بالخطأ .
2- اذكر بسرعة ما
تعلمته من
التجربة
.
3- أكد له أنك
ستتفادى تكرار هذا الخطأ مستقبلاً
.
2- القناص :
يتخصص القناص في
اصطياد أخطاء الناس وإظهارهم بمظهر الأغبياء من خلال
تعليقاته اللاذعة
واستهزائه بآرائهم في الأوقات التي يحتاجون فيها بشدة للثقة
بالنفس .
الأهداف غير
المعلنة لسلوك القناص وتأثيرها على سلوكه
:
أ- قد يهدف إلى
إنهاء العمل في أسرع وقت ولذا فهو يلجأ للطلقات الخفية حتى
يقضي على
المعارضة بسرعة ويصل إلى هدفه , ولذا فهو يبالغ في سلوكه العدواني تجاه
الضحية .
ب- قد يحاول
الحصول على اهتمامك وجذب انتباهك عن طريق سخريته اللاذعة
ودافعه الرئيس هو
البحث عن مودتك واهتمامك.
ردود الفعل
العادية تجاه القناص
:
"تفادي هذه
التصرفات مع القناص"
.
- لا تظهر
للآخرين أنك تشعر بالحرج
.
- لا تحاول الرد
بنفس الطريقة .
- لا تنسحب
وتختبئ داخل موقعك .
هدفك الجديد :
إخراج القناص من مخبئه كي يواجهك وجهاً لوجه
.
الخطة :
1- توقف عن
الحديث وردد نفس كلمات القناص بنفس طريقته . عادة ما يؤدي هذا
التصرف إلى
إحراجه وإضحاك الآخرين لأنهم يشعرون بأنك لا تأخذ تعليقاته مأخذ الجد .
2- اطرح أسئلة
واضحة : وجه للقناص أسئلة تستفهم بها عن علاقة كلامه بالموقف ,
واحتفظ على وجهك وفي نبرة صوتك بالبراءة الشديدة والهدوء , ولا تمارس السخرية في
حديثك , مما يؤكد
أنك أعلى من الكلام الذي وجهه إليك . قل له مثلاً : لا أدري عما
تتحدث , يجب أن
توضح ماذا تقصد بالتحديد . ثم ما علاقة هذا بالمشكلة !؟
3- إذا دفع سلوكك
القناص إلى الانفجار والعدوانية , فتعامل معه كما تعاملت مع الدبابة .
4- اخرج في دورية
استطلاعية : بمعنى أن تحدد لقاء شخصياً مع القناص لتحاول
معرفة السبب الذي
يدفعه للسخرية منك . وفي هذا اللقاء نفذ الخطة التالية :
أ- ابدأ بتذكيره
بما قاله .
ب- اسأله عن سبب
ما قاله .
ج- إذا صمت ,
وهذا هو الاحتمال الأرجح , فاقترح عدة أسباب من وجهة نظرك قد يكون أحدها هو
الدافع الحقيقي .
إذا نجحت في تخمين السبب الحقيقي , فإنه سيأخذ طرف الحديث ويسرد
كل التفاصيل
.
د- استمع دون
مقاطعة ثم اشكره على صراحته
.
هـ- زوده بأية
معلومات قد تزيل ما التبس عليه من مواقف أو اعتذر له لو كنت بالفعل
مخطئاً في حقه .
و- اقترح وسيلة
بناءة للتعامل في المستقبل : قل له "في المستقبل أرجو أن تخبرني
مباشرة بما
يضايقك , لأنه يهمني كثيراً أن تكون علاقتنا حسنة"
.
* أما إذا
كان هدف القناص
هو الحصول على اهتمامك , فيمكنك أن
:
1- تعالج الموقف
بينك
وبينه في خصوصية
.
2- تخبره بصراحة
بأن تعليقاته تضايقك
.
3- تبدي إعجابك
به
إذا حاول الحصول على اهتمامك
بطريقة إيجابية
فهذا يؤكد له إمكانية الوصول لهدفه دون
أن يسيء أحدكما للآخر
.
اسم الكتاب:
التعامل مع الناس صعبي المراس
تأليف :
الدكتور ريك برنكمان والدكتور ريك كيرشنر