الإدارة هي السبب

    

سؤال أوجه لكل مدير ومسؤول، هل تستطيع أن تخبرني ما هي آخر التطورات في مجال الإدارة والمجال التقني؟ إذا كانت معرفتك ممتازة بهذين المجالين وتقوم بتطوير قسمك أو مؤسستك بتطور المجالان المذكوران فإني أتوقع مستويات خارقة من الأداء وسرعة في العمل، وإنتاجية تقفز قفزاً بخطوات واسعة نحو الأفضل، وتعاون بين الجميع ممن يعملون معك، الاحترام متبادل والآراء مسموعة، والإبداع أساس من أسس التجديد والتطوير المستمر، موظفون يحضرون قبل ساعات الدوام ويخرجون بعده، الصلاحيات المالية والإدارية مكفولة للجميع، والثقة عالية، مكان العمل نظيف ومرتب ومريح للنظر، مراجعون أو عملاء راضون تماماً عن الخدمات التي تقدمها، أرباع عالية وتكاليف منخفضة، هل تبدوا هذه الصورة حالمة؟ لا... هناك مؤسسات ناجحة تكون بيئة عملها بهذه الصورة. أما إذا كنت جاهلاً بما سبق، فالعكس صحيح لكل ما ورد أعلاه، وقد يستغرب أحدكم ويتساءل، هل الإدارة هي السبب الوحيد لنجاح أو فشل أي مؤسسة سواءً حكومية أو خاصة؟ دعوني اختصر عليكم الإجابة، نعم هي السبب، لذلك ابتكرت قانوناً إدارياً اقتبسته من أحد الكتب الإدارية وغيرت فيه، يقول القانون رقم واحد: إذا وجدت مؤسسة فاشلة فانظر إلى الإدارة فهي السبب لهذا الفشل ويقول قانون رقم اثنان: إذا لم تجد الإدارة هي السبب فانظر إلى القانون رقم واحد!! الإدارة هي الأساس في كل مؤسسة فبدونها يكون العمل في المؤسسة خبط عشواء، وبها يسير العمل إلى الطريق الصحيح، لكن إذا اعوجت أعوج العمل معها وإن صلحت، صلحت المؤسسة، فهي بمنزلة العقل للإنسان والعقل إذا لم يطور تجمد بل تحجر. والإدارة لا تقتصر على شخصاً واحد بل على عدة أشخاص يقودهم شخصاً واحد أو ما نسميه المدير العام، ولهذا المدير مسؤولون سواءً للمالية والحسابات أو لإدارة المشتريات أو خدمة العملاء وهكذا، وكل هؤلاء يطلق عليهم لفظ الإدارة، والإدارة تملك في يديها الموارد البشرية والمادية ولها الحق في تصريفها وترتيبها بطريقة معينة للقيام بأكبر إنتاجية. الفقرة السابقة هي تعريف بسيط لشكل الإدارة، وذكرنا في هذا التعريف حق الإدارة في تصريف مواردها، لكن وسائل ترتيب الموارد البشرية كثيرة ومنوعة، فأي الطرق يستخدم مديرك؟ هل هي طريقة حديثة لا مركزية، أم أسلوب متسلط مركزي؟ الأسلوب المتسلط يقوم على نظرية أن الموظفين كسالى، يجب أن تفتش عملهم كل دقيقة، عديمي الأمانة فيجب أن تحكم الرقابة عليهم وتبتكر القوانين الصارمة، إنهم أقل ذكاءً وفهماً منك، فيجب أن تضع أهدافاً للأداء لهم أو حتى لا تخبرهم بذلك بل يكفي أن تكلفهم بمهام وسينفذونها من دون تفكيراً كالآلات!! ليس لهم الحق أن يسألوا لماذا؟ إنهم فقط يؤدون ما عليهم من واجب فلا يستحقون أي حوافز سواءً مادية أو معنوية، لا رأي لهم أو استمع لآرائهم ولا تلقي لها بالاً لكي تخدعهم وتجعلهم يظنون أنك تستمع إليهم. أما الأسلوب الحديث فيبنى على أسس متينة عماده الثقة والإخلاص وحب العمل والتعاون، فالمدير هنا يسمى قائد لأنه يحفز الآخرين نحوا أهدافاً اتفق عليها الجميع، وكل شيء في هذه المؤسسة يناقش من المبادئ والأخلاقيات العامة حتى الأساليب التطبيقية، مروراً بالشؤون المالية والإدارية، فكل موظف له الحق في إبداء رأيه وله الحق في أن يسمع، كل شيء يناقش في جو من الاحترام المتبادل والكل يضع عصارة فكره وإبداعه، وتتطور المؤسسة فتلغي الإجراءات العقيمة لتحل محلها إجراءات أكثر بساطة وإنتاجية، وتلغى النظم المعقدة المركزية إلى نظم لا مركزية، يتحمل الموظفون المسؤولية كاملة ودور المدير هنا أن يكون موجهاً ودرباً ومعلماً وقدوة، فعله أكثر من كلامه، والمعلومات يتيحها للجميع إذ لا سرية كما في النظام المتسلط. كان ذلك في المجال الإداري، أم المجال التقني فهو وسيلة قوية في يد الإدارة الحديثة ووسيلة تفاخر في يد الإدارة المتسلطة... والمجال التقني يفتح آفاقا واسعة لتخفيض الكلفة والزمن لتحقيق المهام وتكون فعالة إذا ما استخدمت بالطريقة الصحيحة. وأخيراً هذا بعضاً مما لدي أحببت أن أشارككم فيه، وتناولت في هذه العجالة بعض المبادئ الإدارية، وغطينا جانب صغير جداً من الإدارة، ذلك أن الإدارة هي بحراً واسع لكني لا أكل من السباحة فيه، وأنصح كل شخص يود أن يطور نفسه ومؤسسته من الناحية الإدارية والقيادية أن يشتري بعضاً من الكتب الإدارية البسيطة ويقوم بتطبيق ما فيها إذا اقتنع بما فيها!! واقرؤوا كتاب البحث عن الامتياز لتوم بيترز، وكتاب الثورة على الفوضى لنفس الكتاب، ولتعلم المبادئ الأساسية للإدارة فقرؤوا كتاب ممارسة الإدارة لبيتر دراكر، قد أطلت الكلام عليكم... سامحونا!

بقلم: عبد الله المهيري