ورغم الاعتقاد
الشائع بأن الضغط المرتفع يسبب الصداع واحمرار العينين ونزيف الأنف، فإن
الحقيقة هي أن هذه الأعراض موجودة أيضاً بنفس الدرجة لدى الأشخاص
من ذوي ضغط الدم الطبيعي، وأيضاً فإن أغلب المرضى لا يشكو من هذه الأعراض.
يعاني كثير من المرضى من السمنة.
لا تبدأ الأعراض في الظهور بكثرة إلا مع حدوث المضاعفات فقد تظهر أعراض قصور
الشريان التاجي مثلاً أو فشل الكلى أو هبوط القلب.
أهم خطوة في الفحص الإكلينيكي هي التأكد من قياس ضغط الدم بطريقة صحيحة، وهذه
الخطوة من أكثر مواضع الخطأ في الفحص الإكلينيكي للمرضى، يجب أيضاً التأكد من
وجود تضخم البطين الأيسر إذا كان ذلك موجودا.
إن تضخم البطين الأيسر يرتبط ارتباطاً وثيقاً بزيادة كبيرة في كل أنواع
المضاعفات التي يمكن أن يعاني منها مريض ضغط الدم المرتفع.
ينبغي أيضاً التأكد من مستوى ضغط الدم أثناء الوقوف حيث أن الضغط قد ينخفض
كثيراً مع الوقوف (خاصة لدى كبار السن ومن يستعملون أدوية لعلاج ارتفاع ضغط
الدم ومن يعانون من مرض السكر).
وانخفاض الضغط بشكل كبير مع الوقوف قد يسبب الإغماء مما يترتب عليه السقوط
والإصابات والكسور (خاصة في كبار السن، حيث يكون التئام الكسور بطيئاً وكثير
المضاعفات).
لا ينبغي إهمال فحص قاع العين حيث أن التغيرات التي يحدثها ارتفاع ضغط الدم
في أوعية الشبكية تكون شديدة الدلالة على شدة المضاعفات الأخرى.
كذلك ينبغي الاهتمام بفحص البطن للتأكد من حالة الكلى واستبعاد اللغط الذي قد
يصاحب ضيق شريان الكلى وكذلك استبعاد انورزم الأبهر البطني.
لا ينبغي إطلاقا إهمال فحص الأوعية الدموية للأطراف السفلية حيث أن هذه
الخطوة ضرورية لتقييم الدورة الدموية الطرفية وكذلك لاستبعاد ضيق الأبهر
الخلقي.
ختاماً ينبغي التأكد من أن المريض لا يعاني من أزمة الربو وضيق الشعب، وأن
فحص الجهاز العصبي في حالة طبيعية وينبغي معرفة وتدوين أي أعراض حساسية لأي
أدوية سبق للمريض استخدامها.
الفحوص
المعملية لمريض الضغط المرتفع:
يشمل التقييم المبدئي لمريض ارتفاع ضغط الدم بصفة روتينية الأبحاث الآتية:
1. فحص
البول للزلال والسكر وأي تغيرات أخرى قد تدل على مرض بالجهاز البولي. 2. عدد
خلايا الدم الحمراء والبيضاء.
3. قياس وظائف الكلى.
4. قياس نسب دهون الدم والمريض صائم لمدة 12 ساعة على الأقل.
5. قياس مستوى السكر بالدم والمريض صائم.
6. قياس نسبة حمض البوليك (يمكن أن يرتفع مع استعمال مدرات البول).
7. قياس نسبة البوتاسيوم (يكون منخفضاً مع أورام الغدة الكظرية ومع استعمال
مدرات البول).
8. رسم القلب الكهربائي لبيان علامات تضخم البطين الأيسر أو اضطراب النبض أو
قصور الشرايين التاجية.
بالإضافة إلى ذلك فإن مرضى السكر يحتاجون إلى قياس الزلال الضئيل بالبول حيث
يكون وجوده دليلاً على بداية تأثر الكلى بمرض السكر ويكون هذا مؤشراً إلى
زيادة نسب مضاعفات الضغط المرتفع بشكل عام.
بعض المرضى يحتاجون لعمل فحص للقلب بالصدى فوق الصوتي، ليس فقط لتشخيص تضخم
البطين الأيسر ولكن لتشخيص الحالات المصاحبة له مثل قصور الشرايين التاجية
وأمراض الصمامات وضعف عضلة القلب واعتلال استرخاء البطين الأيسر.
كذلك يلزم أحياناً عمل قياس مستمر لضغط الدم على مدى أربع وعشرين ساعة.
تجدر الإشارة هنا أن بعض المرضى يكون ضغطهم مرتفعاً عند قياسه في العيادة
بمعرفة الطبيب بينما يكون أقل ارتفاعاً أو حتى طبيعياً تماماً إذا تم قياسه
في منزل المريض بواسطة
الأقارب وهذا النوع من ارتفاع ضغط الدم يسمى "ضغط المعطف الأبيض" نظراً لأنه
يظهر فقط في حضور الطبيب.
وتكمن خطورة ذلك النوع في أن القياس المرتفع بالعيادة
يمكن أن يترتب عليه علاج دوائي مكثف يؤدي إلى انخفاض شديد في الضغط.
ويمكن تشخيص ضغط المعطف الأبيض إذا وجد ضغط الدم طبيعياً في القياس المنزلي
أو باستخدام جهاز تسجيل الضغط لأربع وعشرين ساعة.
أما بالنسبة للفحوص اللازمة لتشخيص ارتفاع ضغط الدم الثانوي فهذه ليست
للاستعمال الروتيني في كل المرضى لأن غالبية الحالات من النوع الأولى كما سبق
الذكر، كما أن فحوص
تشخيص سبب ارتفاع ضغط الدم الثانوي متعددة ومرتفعة التكلفة، ولذلك فهي لا
تلزم إلا إذا تبين من الأعراض والفحص والتحاليل الروتينية أن هناك حاجة
لأجراء بعضها.
تشمل هذه الفحوص قياس مستوى هرمونات معينة في الدم أو البول وكذلك أنواعاً من
التصوير بأشعة الصبغة أو الموجات فوق الصوتية لشرايين الكلى أو الشريان
الأبهر أو تصوير الغدة
الكظرية بالأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي أو المسح بالمواد المشعة وغير
ذلك.
العلاج:
1. الإرشادات العامة وأسلوب الحياة: تتبع هنا الإرشادات السابق الإشارة إليها
تحت بند الوقاية من أمراض الشرايين التاجية بالإضافة إلى الإقلال من ملح
الطعام والامتناع عن تناول المشروبات الكحولية.
للإقلال من ملح الطعام ينبغي تجنب الأطعمة المعلبة والمحفوظة (خضراوات، لحوم،
أسماك، دواجن، حساء) وكذلك أغلب أنواع الجبن وكل المخللات والزيتون الأسود.
الجبن المسموح بتناول هو الجبن الأبيض أو القريش قليل الملح أو إذا تم نقعه
في الماء حتى تقل نسبة الملح به.
يلاحظ أن الأكل خارج المنزل ينطوي على استهلاك كمية كبيرة من الدهون وملح
الطعام، حيث أن أغلب الوجبات الجاهزة والأطعمة السريعة التحضير غنية بالدهون
والملح.
الملح الطبي يحتوي على كمية أقل من الصوديوم وكمية أكبر من البوتاسيوم
واستعماله يقلل من استهلاك الصوديوم، ولكنه إذا استخدم مع أدوية رافعة
للبوتاسيوم
(مثل مثبطات الأنزيم المحول للأنجيوتنسين وبعض أنواع مدرات البول) فإنه يمكن
أن يسبب ارتفاعاً كبيراً في نسبة بوتاسيوم الدم.
والحقيقة أن أفضل ما يمكن لمريض ارتفاع ضغط الدم أن يفعله في هذا الصدد هو أن
يعود نفسه على مذاق الطعام المنخفض الملح.
بالإضافة إلى ذلك فإن التخلص من الوزن الزائد له أهمية قصوى في السيطرة على
ضغط الدم.
سبق الحديث عن أهمية الإقلال من الدهون وزيادة النشاط العضلي وعدم التدخين.
2. الأدوية: هذا المجال- مع الأسف- من أشد المجالات التي تؤثر فيها الدعاية
التجارية على قرارات الأطباء.
إن محاولة إدعاء مزايا خاصة لعلاج دون غيره يؤدي إلى وصف أدوية مرتفعة الثمن
بدون أسباب كافية تبرر ذلك في كثير من الحالات، ولكن لنبدأ القصة من أولها:
هناك خمس مجموعات رئيسية من أدوية علاج ارتفاع ضغط الدم:
أ. مدرات البول. ب. مثبطات مستقبلات بيتا. جـ. مثبطات مستقبلات أيون
الكالسيوم.
د. مثبطات مستقبلات ألفا. هـ. مثبطات الأنزيم المحول للأنجيوتسين.
ويضاف إلى هذه المجموعات الخمس مجموعتين أقل استعمالا بكثير وهما: و. الأدوية
المؤثرة على الجهاز العصبي المركزي. ز0 موسعات الأوعية المباشرة.
أ. مدرات البول: أوسع أدوية علاج ارتفاع الضغط انتشارا وأرخصها ثمناً
وأكثرها فعالية.
تعمل هذه الأدوية على منع امتصاص الصوديوم من القنوات الكلوية مما يؤدي إلى
طرد كل من الصوديوم والماء في البول بكمية زائدة.
كذلك لأغلب هذه الأدوية خواص موسعة الأوعية الدموية.
هناك ثلاث مجموعات أساسية من مدرات البول:
· مجموعة الثيازيد: أكثرها استعمالاً.
عالية الكفاءة إلا مع تدهور وظائف الكلى حيث تقل فاعليتها.
إذا استعملت بجرعات كبيرة يمكن أن تتسبب في ارتفاع دهون الدم ونسبة السكر
وحمض البوليك.
الجرعات المستخدمة حاليا كلها جرعات صغيرة ولذلك يندر حدوث الأعراض الجانبية
سالفة الذكر.
لدى بعض المرضى حساسية من هذه الأدوية ولا يمكنهم استعمالها.
كذلك لا ينبغي استعمالها إذا كان هناك ارتفاع في نسبة حمض البوليك يصاحبها
التهاب المفاصل (مرض النقرس).
يمكن استعمالها بأمان في مرضى السكر وارتفاع دهون الدم.
يجب دائماً البدء بجرعات صغيرة خاصة في كبار السن، يمكن أن تؤدي لانخفاض نسبة
البوتاسيوم في الدم.
· المجموعة المؤثرة على أنبوب هنلي: (مثل عقار لاسكس) وهي أشد المجموعات
تأثيراً، حتى مع تدهور وظائف الكلى وتأثيراتها على الدهون والسكر وحمض
البوليك أقل من
المجموعة السابقة، إلا أنها يمكن أن تسبب انخفاضاً شديداً في نسبة البوتاسيوم
خاصة مع الجرعات الكبيرة.
هذه الأدوية قصيرة المفعول (عدة ساعات) ولذلك فهي ليست مثالية لعلاج ارتفاع
ضغط الدم مقارنة بعقارات مجموعة الثيازيد التي يستمر تأثيرها يوماً أو يومين
بعد كل جرعة.
يقتصر استعمالها على المرضى غير المستجيبين للثيازيد أو من لديهم حساسية منه،
وكذلك المصابين بقصور وظائف الكلى. |